خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

هوليود.. و«السينما الثانية»!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. زيد حمزة

من منا عبر أجيال ثلاثة على الأقل يمكن ان ينكر مدى الدهشة والمتعة والانبهار التي كانت -مجتمعةً- تغمرنا منذ طفولتنا ونحن نشاهد الافلام الاميركية سواءً في دور السينما الفخمة في القاهرة كريڤولي ومترو وراديو او تلك المتواضعة في عمان كالبتراء والإمارة والفيومي! ونتذكر كم كانت تخلق في دواخلنا من عوالم سحرية نستحضرها هربًا من واقع لا يعجبنا أو لم نعد قانعين به، وكم زرعت في عقولنا من ثقافات تبيّن لنا فيما بعد أنها كانت مدسوسة ومخططًا لها كي تخدم أغراضًا سياسية غير بريئة البتة.. ففي حقبة «الأبيض والأسود» اقتحمت عقول?ا الافلام البوليسية وعنف العصابات في المدن الأميركية الكبيرة فأعجبتنا مهارة البطل الوسيم يلهو بمسدسه حتى لو كان قاتلًا خطيرًا او لصًا كبيرا، وكذا أفلام رعاة البقر التي قُصد بها مسح ادمغة الناس حول العالم وإيهامهم بان المهاجرين الأوروبيين الى اميركا لاحتلالها واستعمارها وسرقة ثرواتها واراضيها، هم متحضرون ذوو أخلاق حميدة ومتدينون انقياء في مواجهة سكانها الأصليين الكفرة وعبَدَة الأصنام والبرابرة المتوحشين الذين يعتدون على النساء والأطفال، وجازت الفرية على عقولنا الصغيرة فكنا نصفّق لبندقية الأبيض كلما أردت اله?دي قتيلًا، الى ان اكتشفنا لاحقا أن لهذا المعتدي علاقة عضوية بمن جاءوا إلى بلادنا واحتلوها وقسموها فيما بينهم (سايكس بيكو) وأعطوا بنفس المنطق المقلوب جزءاً منها اسمه فلسطين الى الغرباء!.

‏لقد استمر دور هوليود في تزييف وعي الشعوب حول العالم على كل الأصعدة إلى أن تحركت ضمائر بعض العاملين في هذه الصناعة الضخمة من المنخرطين في العمل النقابي المهني والمفكرين الأحرار من كتاب السيناريو وراحوا ينشطون سراً وعلانية في إنتاج أفلام تكشف حقيقة هذا التاريخ الاستيطاني الاحلالي الذي يكاد يبيد شعباً بأكمله، كما تفضح ممارسات اجتماعية شريرة جرى الترويج لها زوراً تحت عناوين البراءة والخلق الرفيع، وهنا انتفض اليمين الديني والاقتصادي المحافظ من خلال الكونغرس داعمًا الدعوة القمعية المكارثية أوائل خمسينات القرن ا?ماضي، ثم تجرأت فيما بعد بعض القوى السياسية بفتح ملف الجرائم التي ترتكبها القوات الأمريكية وهي تغزو بلداً بعيداً اسمه «فيتنام»، وعلى الجانب الاجتماعي وحين كانت هوليود تمعن في إبراز الصورة البراقة للحياة المترفة في الولايات المتحدة وتغفل حياة ملايين الكادحين وضحايا الظلم الطبقي، فوجئ العالم بظهور موجة جديدة جريئة من السينما المختلفة في مكان آخر خارج أمريكا فقد قدمت ايطاليا سلسلة من الافلام الواقعية التي حركت الماء الآسن وايقظت الضمائر التي خدرتها هوليود طويلًا، وبدلاً من تتعظ هذه بتلك، لجأت الى اغراء عدد كبي? من الكفاءات السينمائية الايطالية للهجرة للعمل في اميركا..! حتى السينما المصرية المزدهرة اواسط القرن الماضي بدأت تشهد نوعًا من السينما الثانية او المستقلة ذكّرتنا بها ندوة حوارية ممتعة اقامتها مؤسسة شومان الشهر الماضي وكان فارساها الناقدَ السينمائي وكاتب السيناريو المصري محمد الروبي والمخرج والممثل اللبناني جورج الهاشم اللذين ناقشا بموضوعية وحِرفية مشاكل السينما «الأخرى» في بلديهما والتي تحاول الخروج عن النص التقليدي او تتغلب على الرقابة الحكومية القامعة للحرية السياسية أو الترصد المجتمعي المُقيّد لانطلاق ?لفكر وتلاقح الآراء، وبالصدفة التقيت بعد ذلك بصديقين من العاملين في مجالات سينمائية متنوعة رغم ضيقها في الأردن هما سوسن دروزة وإيهاب الخطيب اللذان اضافا لديّ أبعاداً أخرى حول السينما الثانية من خبرتهما المحلية والخارجية ولفتا نظري لسينما الدوغما في الدانمارك.

وبعد.. كم استطاعت هذه الأنواع الأخرى من السينما الصمود في وجه طوفان الفيلم الأميركي التجاري المسمم للفكر الجمعي، خصوصًا بعد اختراقه البيوت في جميع انحاء العالم من خلال شاشات التلفزيون الذكي!؟ تلك لعمري معركة - ككثير سواها - ما زال الطريق أمامها طويلا حتى تحسم لصالح الفن الحقيقي الجميل، والنافع في آن معاً.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF